الخربشة الأولى
جاء الصباح، وجدت نفسي مُستلقية على الأرض كل شيء من حولي فوضوي
وضوء الشمس يمر عبر الستائر ليصل إلى عينيّ المغلقتين بعد ثوانٍ قليلة، بدأت أفتح عيني بصعوبة محاولة استيعاب ما حولي
كنت أرتدي ثوب أبيض في غرفة لم أرها من قبل وقفت أفرك شعري على أمل أن أتذكر أي شيء أمشي ذهاباً وإياباً في الغرفة نظرتُ إلى مرآة على طرفي الأيمن كان وجهي مغطى بمكياج خفيف يبدو جميلاً جداً و هناك القليل من البريق حول عينيّ، شعري أيضاً بدا وكأنه مصفف بشكل جميل ولكنه قد خُرِّب بسبب النوم ابتعدتُ عن المرآة وأنا أشعر بالارتباك الشديد نظرتُ مرة أخرى إلى الغرفة، ثم أدركتُ أنها غرفة فندق اقتربتُ من النافذة ونظرتُ من خلالها إنها تقع في طابق علوي تنهدتُ خائفة، ثم طُرِق باب الغرفة ذهبتُ لأفتحه
صباح الخير سيدة روزي
نظرتُ إليه قائلة: من أنت؟ وكيف عرفت اسمي؟
أنا أعمل هنا، تم حجز غرفة الفندق هذه باسمك الليلة الماضية
ماذا؟
وهذه وجبة الإفطار
فتحتُ فمي مصدومة، إنني لا أستوعب كيف يمكن أن أستيقظ في صباح أحد الأيام دون أن أتذكر أي شيء؟ نظرت قائلةً له
حسنا شكراً لك يمكنك تركه هنا
أتمنى لك نهاراً سعيداً
أنتَ أيضاً
ثم كان على وشك المغادرة، لكنه توقف وأدار وجهه
أوه بالمناسبة سيدة روزي، زوجك أيضا أوقع هذه الليلة الماضية
عندما كان مغادراً صرختُ بصدمة: ماذا؟
حملتُ سلسلة المفاتيح وقُلت: الليلة الماضية عندما غادر! زوجي؟
هل أنتِ بخير؟
أنا.. أنا لستُ متزوجة
نظَرَ إلى ثوبي مُرتبكاً، قائلا: أنا آسف على سوء الفهم، لكنه كان يحملك الليلة الماضية، لأنكِ كنتِ فاقدة للوعي، وبينما كنتُ أحمل الحقائب إلى هذه الغرفة أخبرني أنه زوجك
كنتُ على وشك البكاء، تنهدتُ ثم سألته بقلق: الليلة الماضية... عندما قُلتَ أنه كان معي... يحملني... عندما غادر... ما الذي غادره بالضبط؟ أعني هل كان في غرفتي في الفندق؟
نعم! جاء كلاكما في منتصف الليل تقريباً وبقي لمدة ثلاث ساعات وغادر في حوالي الساعة الثالثة صباحاً
رفعتُ حاجبيّ وتوقفت دون أن أتفوَّه بكلمة
سألني: سيدة روزي، هل أنتِ بخير؟
نظرتُ إليه حائرةً ، هل أخبركَ إذا ما كان سيأتي أم لا؟
لا
حسناً، شكراً لك
بالطبع! نحن موجودين لخدمتك إذا ما احتجتي شيئا أخبرينا أرجوكِ
هززتُ رأسي (نعم) أغلقتُ باب غرفة الفندق مرتبكةً وظللتُ أُحدِّق في سلسلة المفاتيح
جلستُ على الأريكة وكنتُ على وشك البكاء رأسي يؤلمني وذكريات عقلي مشوشة مثل مجموعة من الخربشات على ورقة فارغة لا أستطيع تذكر أيّ شيء رأيتُ خاتماً من الماس في يدي اليسرى سحبته ونظرت بداخله، كان اسمي مكتوباً مع اسم شخص آخر يدعى بيتر رميتُ الخاتم على السجادة وبدأت أتنفس بسرعة هل يمكن لأي شخص أن يخبرني بما يحدث؟ ثمَّ رنَّ هاتفي، ركضتُ على الفور لسحبه، (الحب) كان يتصل نظرت إلى شاشة الهاتف باشمئزاز، ليس لدي حب فأجبت
صوت من الهاتف قال: صباح الخير
من أنت بحق الجحيم؟
أنا بيتر
توقفتُ لثانية، ثم ركضتُ على الفور إلى الخاتم الماسي الذي رميته على السجادة… إنَّه اسمه
فقلت برجفةٍ بيتر.. من؟ آملة بعدم سماع الإجابة التي كنت أتوقعها
زوجك
أغمضتُ عيني لقد قال الجواب المتوقع فسألني: هل أنت بخير يا روزي؟
لم أجب
فأكملَ قائلاً: حسنا، هل يمكنك فتح باب غرفتك؟
ذهبتُ مترددةً إلى الباب فتحته، ورأيتُ رجلاً مفتول العضلات يبدو ثرياً، أنيقاً، وبدا لائقاً. واضعاً هاتفه على أذنه اليمنى
كان بيتر! على ما يبدو
لماذا ما زلت ترتدين فستان زفافنا في الليلة الماضية؟
فستان زفافنا... في الليلة الماضية؟! هل تزوجتك البارحة للتو؟
أجل
أخذتُ نفساً عميقاً، وأغمضتُ عيني، ثم نظرتُ إليه محاولةً ضبط أعصابي التي تُلفَت
ماذا فعلتَ بي الليلة الماضية؟
توقَّف دون أن يتكلم
لماذا لا تجيب، ماذا فعلتَ بي؟ ولماذا غادرتَ غرفتي في الفندق في الساعة الثالثة صباحاً؟ لقد وجدتُ نفسي مُلقاة على الأرض! ما الذي فعلته؟
روزي، اهدأي. بالأمس فجأة فقدتِ وعيك، هذا كل مافي الأمر
كيف؟ فقدت وعيّ؟ لقد أعطيتني شيئاً! لقد فعلت شيئاً لي بالتأكيد! أنا لا أعرفك حتى، كيف أقبل الزواج منك؟ لا أتذكر أي شيء من الليلة الماضية
بدأتُ أتحرك ممسكةً برأسي على أمل أن أتذكر ثمّ نظرتُ إليه مهددةً إياه: سأتصل بالشرطة
نَظَر إليّ: روزي لا لا حقاً أنت لستِ بخير
دخَلَ إلى غرفة الفندق وأغلقَ الباب خلفه، وأخَذَ الهاتف من يدي ورماهُ بعيداً
صرَخت: ماذا تفعل كيف تأخد الهاتف من يدي؟ أجب على سؤالي ماذا حدث في الليلة السوداء تلك
قال ببرود: لم يحدث شيء لقد وضعتك على السرير وبقيتُ لفترة من الوقت للتأكد من أنك نائمة وبصحة جيدة وغادرت
هل تسخر منّي؟ لقد استيقظت على الأرض
روزي، لم ألمسك، إذا كانت هذه هي الإجابة التي تبحثين عنها وتطمئنك
هدأتُ قليلاً، ثم سألته: أين عائلتي؟ أنا بحاجة للذهاب إليهم
روزي، عائلتك ليست هنا
نظرتُ إليه خائفة وكدت أبكي
أين هم؟ لا تقل لي أنهم ماتوا
ماذا؟ كلّا بالطبع. إنهم فقط في دولة أخرى وفي وضع آخر وهم بالأصل لم يأتوا إلى حفل زفافنا أمس
لقد تزوجتني دون علمهم! قفزتُ فوقه وشددتُ شعره
روزي، يعرفون أقسم أنهم يعرفون ذلك
ابتعدتُ وتوقفتُ عن شدِّ شعره
كيف لم يأتوا الليلة الماضية إذن؟
بدأ يتلعثم أنا ... لا أعرف... ربما... لأنهم ... لأن عائلتك لا تحبني
إنّهم على حق! أنا لا أحبك أيضاً. أتعرف ماذا؟
دفعته نحو باب الغرفة، سحبتُ يده ووضعتُ الخاتم الماسي في يده: على الرغم من أنني لا أعرفك، فأنا أنفصل عنك وسأطلب الطلاق. فتحتُ الباب وطردته صافعةً الباب أمام وجهه
أخرجتُ هاتفي، وحاولتُ الاتصال بأختي، لكن الهاتف لا يستجيب! حاولتُ عدة مرات، لكن بلا جدوى! رميتُ الهاتف بعيداً
جاء الليل، كنتُ أنظر من خلال النافذة إلى شيكاغو، وشعرتُ بالوحدة الشديدة، وكنت لازلتُ مرتدية فستان الزفاف مشيتُ نحو المرآة ونظرتُ إليها وبدأتُ في البكاء، وخطرت ببالي لحظة عندما أعطاني بيتر الماء
هذا الحوار في خيال روزي
توقفي عن ذلك قال بيتر
ماذا ستفعل؟ هاه؟ هل ستقتلني؟
روزي، اهدأي
قال للنادل: هل يمكنني الحصول على الماء؟
أعطاني الكأس قائلاً: اشربي القليل من الماء ستكونين بحال أفضل، فقط اهدأي
أخذتُ كأس الماء من يديه وشربته
بدأت الأمور بالاتضاح الٱن. نظرتُ مجدداً إلى نفسي في المرآة قائلة: حتماً وضع شيئاً لأشربهُ في الماء. ثمَّ سحبتُ هاتفي واتصلت به. بعد بضع ثوانٍ فقط بدأ أحد ما بطرق باب غرفتي في الفندق. فتحته… كان بيتر ينتظر في الخارج طوال الوقت
هل كنتَ تنتظر هنا كل هذا الوقت؟
لم أستطع تركك. هل يمكنك ارتداء الخاتم مجدداً؟
صفعتهُ على وجهه: لقد وضعتَ لي شيئاً في الماء لأشربه
غضِب، وأمسكَ ذراعي الاثنتين من الجانب ورفعني قليلاً إلى الخلف حتى يتمكن من الدخول إلى غرفة الفندق وأغلق الباب بإحدى ساقيه. تأملتُ وجهه بضعة ثوانٍ… فجأة بدأتُ أتذكر، لقد كان القبطان الذي قابلته في الطائرة المتجهة إلى شيكاغو، حيث كان لدي مؤتمر نعم! لقد فقد وعيه في منتصف الرحلة وتسمم بشيء
قلتُ له : لقد تسمّمت وأُغميَ عليك في منتصف الرحلة! بيتر! الآن أتذكرك
ابتسمَ وقال: لقد أنقذتِ حياتي
هدأتُ ثم قلتُ: أنا متأكدة الٱن من أنّكَ وضعتَ شيء في الماء الليلة الماضية
طالما أنّكِ بدأتِ تتذكري، فهذا الوقت المناسب لأُخبركَ بما عليكِ فقط معرفته
حدّقتُ فيه منزعجة
جلَسَ على الأريكة ينظر إلى منظر شيكاغو. وقفتُ بجانبه منتظرة سماع ما سيقول
آنسة روزي، لقد سمعتِ أشياء لم يكن من المفترض أن تسمعيها وكان علينا أن نحذفها من ذاكرتك، فمهما حاولتِ أن تتذكريها لن تستطيعي ذلك
ولماذا أنا متزوجة منك؟
حسناً، لم يكن من المفترض أن تنسي ذلك، لكن يبدو أنّهُ أثّر على ذكريات أخرى ليتم حذفها بخلاف ما كان من المفترض أن يتم حذفه
نظرت إليه. أخرجَ شيئًا من جيبه وأراني إياه، كان عميلًا في مكتب التحقيقات الفيدرالي
هل فهمتِ الآن لماذا هناك بعض الأشياء التي لا يفترض لكِ أن تتذكريها
تراجعت إلى الوراء بضع خطوات: حسناً، هل يمكنكَ أن تخبرني لماذا أنا متزوجة منك؟
لأنني قلتُ ذلك. وأخبرتُكِ أنّه طالما أنتِ معي سيكون والداك في أمان
إذن، أنتَ تخبرني الآن أنّه إذا طلبت الانفصال...قاطعني قائلاً نعم ستكون عائلتك في خطر
ماذا تريد مني؟
روزي أنتِ شابة ذكية، طبيبة ناجحة أنقذتِ حياتي وأريدك معي، غير أنه هناك الكثير من الأشياء التي تثير إعجابي بك! بحثتُ عن اسمك وكل ما يتعلق بك. سيرتك الذاتية تستحق البحث ورائها إضافة إلى ذلك، فإن الآثار الجانبية للدواء الذي جعلناكِ تشربيه لكي نمسح جزء من ذاكرتك به ليست واضحة لنا بمعنى آخر، أنتِ أول شخص يجرب هذا الدواء
ماذا
يجب أن أكون صادقاً، لذلك يجب أن تبقي معي
نظرتُ إليه وعيناي ممتلئتان بالغضب لكن في نفس الوقت لم يكن لدي ما أقوله! بقيتُ هادئة لفترة من الوقت آخذة أنفاسي
بعد فترة من الزمن اقتربتُ منه وسألته: أريدك أن تكون صادقاً معي، وتعطيني إجابة واضحة على هذا السؤال إذا لم تلمسني، فلماذا كنت مستلقيةً على أرضية غرفة النوم الليلة الماضية؟
أخبرتك بأن الدواء له آثار جانبية، ولهذا السبب اضطررت إلى البقاء حتى الساعة الثالثة صباحاً في غرفتك، للإطمئنان عليكِ وقمتُ بالتأكيد عليهم بأن يقومون بإقفال الغرفة عليك حتى لا تغادريها، وأنا متأكد أنكِ حاولتي الاتصال بشخص ما، لكن الهاتف لم يعمل. أنا من فصلته! أعتذر لكنني لم أستطع المجازفة بأيّ فعل متهور منكِ
بعد بضع ثوان، قلت: إذن أنا سجينة هنا
لا. إلّا إذا كنت تريدين أن تسميها بهذه الطريقة، فليس لدي ما أفعله تجاه هذا الأمر
بدأتُ أتحرك قلقةً حائرةً في أرجاء الغرفة، ركضت نحوه مباغتة إياه وضربته على صدره، دعني أخرج من هنا أريد أن أذهب إلى عائلتي
أنا آسف سيدتي، لكن خروجك من الباب هو بمثابة رصاصة قاتلة لعائلتك
من الأفضل لكِ ولهم ولنا أن تبقي هنا
نظرتُ إليه والدموع في عينيّ، لكنه لم يبالي رفع الخاتم الماسي بمعنى إما أن ترتدي هذا الخاتم أو عائلتك تموت